ماذا حدث منذ بداية الثورة حتى قتل القذافي؟


http://gty.im/91061221

عقب إصدار بيان القوى السياسية والهيئات الحقوقية في 14 فبراير/ شباط 2011 مطالبين القذافي بالتنحي، خرج آلاف الليبيين في «بني غازي» رافعين مطالبهم، وكان أبرزها تنحي القذافي وتركه للسلطة على غرار ما حدث بتونس ومصر.

بالإضافة إلى المطالبة بالإفراج عن المعتقلين ممن تم القبض عليهم بعد فض أكبر الاعتصامات بمدينة بني غازي، إلا أن الشرطة قد واجهتهم بالرصاص فسقط العديد من القتلى والمصابين، واستمر الوضع على ذلك حتى يوم 26 فبراير/ شباط 2011 عندما شكل الثوار المجلس الانتقالي الوطني برئاسة وزير العدل المستقيل «مصطفي عبد الجليل».



انتهت سلمية الثورة الليبية بتبني حلف الناتو العسكري قيادة عمليات عسكرية ضد نظام القذافي في مارس/ آذار 2011.

وفي 10 مارس/ آذار 2011 اعترفت فرنسا بالمجلس الانتقالي كممثل عن السلطة الليبية الرسمية، وبعدها بـ 9 أيام بدأت عملية فجر الأوديسة العسكرية ضد النظام الليبي لما ارتكبه من جرائم بحق المدنيين الليبيين، وفي 24 مارس/ آذار تبنى حلف الناتو العسكري قيادة العمليات العسكرية ضد نظام القذافي.

ومنذ تلك اللحظة انتهت سلمية الثورة الليبية حيث تسلح الثوار وأخذوا في الاستيلاء على مستودعات الأسلحة الليبية والدخول في مواجهات مع قوات القذافي والموالين له، وفي 21 أغسطس/ آب 2011 استطاع الثوار دخول العاصمة الليبية طرابلس، ليعقبها بشهرين قتل العقيد معمر القذافي على يد الثوار في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2011 بمدينة «سرت» مسقط رأسه.

عقب مقتل القذافي وسقوط نظامه أخذ المشهد الليبي في التغير التدريجي، فلم تتنازل الميلشيات المسلحة من الثوار عن سلاحهم ولم تبدأ مرحلة وفاق حقيقية حول كيفية إدارة البلاد في ذلك الوقت؛ مما أدى لظهور العديد من اللاعبين السياسيين في المشهد الليبي وسيطرة القبائل على العديد من الأحداث، كما ظل الصراع المسلح حاضرًا بقوة في المشهد.


الاتفاق السياسي الليبي


http://gty.im/465304402

ظل الانقسام الليبي هو سيد الموقف طوال 4 أعوام منذ انطلاق الثورة الليبية، حيت استمر الصراع المسلح بين الفصائل والقبائل الليبية على السلطة، وفي بعض الأحيان وصل الأمر إلى الرغبة في الانفصال عن ليبيا.

ومع عام 2014 بدأت الأطراف الليبية في التفاوض من أجل حل تلك الأزمة، وبالفعل تم توقيع

الاتفاق

السياسي الليبي في مدينة «الصخيرات» المغربية يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول 2015، وكان ذلك الاتفاق الذي يحتوي على 67 مادة بالإضافة إلى 15 مادة في باب الأحكام الإضافية وقع بدعوة ومتابعة من الأمم المتحدة.



لعب الاتفاق السياسي الليبي دورًا كبيرًا في تشكيل خريطة المشهد السياسي الليبي، إلا أن استمراره يواجه الكثير من الصعوبات.

لعب الاتفاق السياسي الليبي دورًا كبيرًا في تشكيل خريطة المشهد السياسي الليبي حاليًا، فقد نصّ الاتفاق على شكل السلطات الرسمية في الدولة وقسمها إلى؛ أولًا: حكومة الوفاق الوطني ومن شأنها إدارة الشئون التنفيذية للبلاد، وينتهي دورها بعد أن يتم إجراء الانتخابات التشريعية في مدة لا تتجاوز العام، ويمكن أن تمتد مدة تلك الحكومة لعام آخر فقط، ولا يجوز تمديد تلك المدة لما بعد العام. ثانيًا: مجلس النواب ويتولى السلطة التشريعية، حيث نص الاتفاق على أن يكمل المجلس الذي انتُخب عام 2014 مهامه حتى يتم إجراء الانتخابات التشريعية الجديدة. ثالثًا: المجلس الرئاسي ويتكون من 9 أعضاء –رئيس وخمسة نواب وثلاثة وزراء دول-، وتم نقل كافة السلطات العسكرية والأمنية والمدنية العليا إلي المجلس الرئاسي هذا، ويعد المجلس الرئاسي مترئسًا حكومة الوفاق وفقًا للاتفاق.

وتعود الرغبة في إلغاء تلك

المادة

إلى سعي مجلس النواب الليبي للاحتفاظ بحليفه العسكري قائد عام جيش مجلس النواب «خليفة حفتر» وعدم الرغبة في تجريده من الدور العسكري، حيث قدموا له العديد من الامتيازات في فترة ما قبل الاتفاق.

إلا أن ذلك الاتفاق واجه الكثير من الصعوبات عقب توقيعه وظهرت انقسامات عديدة في الصف الليبي، بداية من أن توقيع الاتفاق النهائي لم تحضره بعض القوى السياسية الليبية؛ مما يجعلها تتحجج بأن الاتفاق غير ملزم لها، وصولًا لاعتراض مجلس النواب المنتخب عام 2014 على المادة 8 من باب الأحكام الإضافية والتي تنص: «تنتقل كافة صلاحيات المناصب العسكرية والمدنية العليا المنصوص عليها في القوانين والتشريعات الليبية النافذة إلى مجلس رئاسة الوزراء فور توقيع هذا الاتفاق، ويتعين قيام المجلس باتخاذ قرار بشأن شاغلي هذه المناصب خلال مدة لا تتجاوز 20 يومًا، وفي حال عدم اتخاذ قرار خلال هذه المدة يقوم المجلس باتخاذ قرارات بتعيينات جديدة خلال مدة لا تتجاوز 30 يومًا، مع مراعاة التشريعات الليبية النافذة».


من حليف لمن؟

أدت الخلافات السياسية وحسابات القوى والمصالح بين اللاعبين السياسيين في ليبيا إلى تعطل مسيرة الاتفاق السياسي الليبي، وعودة الانقسامات مرة أخرى، وظهور أكثر من ممثل لكل سلطة من السلطات التي تم الاتفاق عليها في الاتفاق السياسي بـ«الصخيرات».

المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق

تشكل المجلس الرئاسي وفقًا للاتفاق السياسي الليبي، وهو الهيئة التي تمثل رئيس الجمهورية وقائد القوات المسلحة الليبية، ويترأس تلك الحكومة النائب السابق لدائرة «طرابلس» الانتخابية -برلمان 2012- «فائز السراج»، كما يترأس السراج حكومة الوفاق الوطني التابعة للمجلس الرئاسي كما نص الاتفاق.

إلا أن البرلمان الليبي لم يقم بالتصويت الرسمي على حكومة الوفاق؛ مما يعطل عمل تلك الحكومة بإطار رسمي حيث اشترط الاتفاق السياسي أن تحصل حكومة الوفاق على تصويت البرلمان الرسمي عليها، وكان ذلك سببًا في

استبعاد

أربعة من الوزراء بالحكومة بيوم 1 يوليو/ تموز 2016، وكان سبب استبعادهم هو مطالبتهم بأن تحظى الحكومة بالتصويت الرسمي من البرلمان حتي يستطيعوا أن يبشاروا مهام وظيفتهم وهم وزراء: العدل، الاقتصاد والصناعة، المالية، وشئون الدولة للمصالحة.

حكومة الخلاص الوطني الموازية

تعد حكومة «الخلاص الوطني»

حكومة

منافسة لحكومة «الوفاق الوطني»، حيث قد تشكلت من قبل المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق) الذي تشكل عام 2012.

وتعمل الحكومة بشكل أساسي بمنطقة «طرابلس» ويترأسها «خليفة غويل»، إلا أنها لا تستطيع السيطرة على العديد من المؤسسات الحكومية المهمة، وترى حكومة الخلاص أنها هي الحكومة الممثلة لمبادئ الثورة وتحاول أن تعيدها إلى مسارها الصحيح، وما قامت به حكومة الوفاق في الاتفاق السياسي هو انقلاب على مبادئ ثورة 17 فبراير 2011، في حين ترى الأخيرة أن ما قامت به حكومة الخلاص هو انقلاب عسكري.

مجلس النواب الليبي بطبرق



حكومة الوفاق الوطني، تعتبر هي الحكومة الممثلة رسميًا لليبيا وفق الاتفاق السياسي الليبي إلا أنها تواجه العديد من الصعوبات في عملها والاعتراف بها من قبل باقي اللاعبين السياسيين.

يُعد مجلس النواب الليبي هو المجلس التشريعي المعترف به دوليًا كممثل للسلطة التشريعية الرسمية بليبيا -وفقًا للاتفاق السياسي-، ويترأس المجلس المستشار «عقيلة صالح»، ولحين إجراء انتخابات تشريعية جديدة.

حيث تم انتخاب البرلمان عام 2014 ويباشر عمله من منطقة «طبرق»، ويلعب دورًا رئيسيًا في الخلاف السياسي الواقع حاليًا في ليبيا، فبعد توقيعه على الاتفاق السياسي الليبي يرفض

الاعتراف

بتشكيل حكومة الوفاق الوطني. وفي يناير/ كانون الثاني 2016؛ أي بعد شهر من توقيع الاتفاق السياسي الليبي بالصخيرات، رفض المجلس بأغلبية مطلقة الاعتراف بحكومة الوفاق، كما ألعنوا رفضهم للمادة الثامنة من باب الأحكام الإضافية في الاتفاق.

يعتبر المشهد الليبي معقدًا للغاية؛ حيث يواجه الكثير من العراقيل. وعلى الرغم من توقيع الاتفاق السياسي الليبي ووضع خارطة طريق للخروج من أزمات القوى السياسية المتكررة، إلا أن تلك الأزمات لم تنته بعد.

هذا إلى جانب حالة التخبط التي يعاني منها السياسيون بليبيا؛ فمن كانوا حلفاءً ويعملون سويًا للخروج من الأزمة نشبت بينهم العديد من الخلافات مثلما حدث بين البرلمان وحكومة الوفاق. كما تحولت الخلافات والصراعات السياسية إلى صراعات مسلحة بين الميلشيات المؤيدة لكل خصم، ومحاولة كل طرف أن يكتسب اعترافًا ليبيًا بأي من تلك الميلشيات لتكون ممثل السلطة العسكرية بالبلاد. هذا بالإضافة إلى دور الجماعات الجهادية التي تضرب مسار العملية السياسية والعلاقات الدولية والإقليمية لليبيا من خلال عملياتها الإرهابية.


المراجع




  1. الاتفاق السياسي الليبي

  2. لمحة شاملة عما يدور في ليبيا اليوم