محتوى مترجم
المصدر

Chatham House
التاريخ
2015/09/10
الكاتب
Nikolay Kozhanov

في أواخر يوليو/تموز،

افترضت صحيفة «وال ستريت جورنال»

أن زيارة نائب ولي العهد السعودي، «محمد بن سلمان» إلى سان بطرسبرج كانت محاولة أخرى من قبل «الرياض» للحصول على دعم روسيا بصدد سوريا. وفي ضوء عدد الاتفاقيات التجارية، والاقتصادية، والاستثمارية التي وقعت خلال تلك الرحلة، توقع حتى الخبراء الروس تغيرا محتملا في سياسة موسكو. كما اعتبرت البيانات الحماسية للرئيس الأمريكي، «باراك أوباما»، (في 6 و14 يوليو/تموز) بشأن الدور الإيجابي الذي قد تلعبه روسيا في تهدئة النزاع السوري، مؤشرا آخر.


تقديم أسلحة للأسد

إلا أن الأحداث الأخيرة أثبتت مجددا أن الغرب قد أساء فهم النوايا الروسية. فقد قررت موسكو بدلا من ذلك رفع الرهانات في سوريا عبر تقديم المساعدة العسكرية للأسد. يقال أن أحدث الشحنات المرسلة قد تضمنت طائرات «درون»، وحاملات جنود برية بحرية متقدمة من طراز «بي تي آر-80 إيه» (أو وفق بعض المصادر، «بي تي آر-82» الأكثر تقدما)، وشاحنات عسكرية من نوع «أورال»، وعربات نقل المشاة »جاز تيجر» (المقدمة حديثا إلى الجيش الروسي نفسه). كما سرت شائعات حول خطط موسكو لتقديم طائرات «ميج-31» المقاتلة، وكذلك طيارين لتشغيلها.

أدى ذلك إلى ظهور

مزاعم

في

الإعلام


الغربي

حول أن روسيا على وشك نشر قوات برية في سوريا. كما سرت تكهنات حول بدء السلطات السورية بناء محلات إقامة لآلاف الجنود الروسيين. وبينما تعتبر تلك البيانات آنفة الذكر واهمة، تُظهر حقيقة أن الكرملين قد قدم مساعدته العسكرية لسوريا أن موسكو ليس لديها نية لسحب دعمها للأسد. وهناك سببين على الأقل لذلك.


يعيش الملك!

أولا، لا تصدق السلطات الروسية أن أيام الأسد معدودة. بل مزح وزير الخارجية الروسي، «سيرجي لافروف»، في مؤتمر صحفي في الدوحة يوم 3 أغسطس/آب، حول أنه «تم توقع نهاية الأسد منذ أربع سنوات ولم تأتِ حتى الآن».

تعرضت السلطات في دمشق للإرهاق بفعل النزاع الممتد، ولكن قرارها الأخير بالتركيز على الدفاع عن معاقلها الرئيسية (المنطقة الساحلية، وحمص، وحماة، ودمشق) قد يقويها. مزيج التكوين العرقي والديني لبعض تلك المناطق، وحصول النظام على إمدادات تسليح روسية، والمتطوعين الشيعة من لبنان، والعراق، وإيران، يعني أن قوات المعارضة ستجد الآن أنَّ تحقُق المزيد من النجاحات على أرض المعركة قد أصبح أصعب من ذي قبل.

لا أحد يتوقع هزيمة سريعة للأسد، بل على العكس، يرى عدد متزايد من القادة الأوروبيين تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» بمثابة التهديد الرئيسي. أشار البعض منهم إلى أنه من الضروري المشاركة مع الأسد من أجل هزيمة التنظيم. ووفق تلك الظروف، لم تعد موسكو تحت ضغط سحب دعمها للأسد.


الجهاد كتحدٍ محليٍّ أساسي

تبدو السلطات في موسكو مصدقة أنها تحمي المصالح الوطنية لروسيا عبر مساعدة الأسد، خصوصا في محاربة المقاتلين الجهاديين. في أغسطس/آب 2014، وصف لافروف داعش بـ«التهديد الرئيسي» لروسيا في المنطقة. ويصر الكرملين على أن سقوط الأسد سوف يحول سوريا إلى ليبيا أخرى، ما سيعني المزيد من الراديكالية بالشرق الأوسط وتصدير الإسلام الراديكالي إلى روسيا، وشمال وجنوب القوقاز وآسيا الوسطى.

تراقب الأجهزة الأمنية الروسية عن كثب أنشطة حوالي 2000 جهادي يتحدثون الروسية في سوريا – معظمهم يمثلون مقاتلين فعالين يحملون نوايا سيئة تجاه الحكومة الروسية. في حال أطيح بالأسد من السلطة، لدى موسكو شعور شبه أكيد أن هؤلاء المقاتلين سوف ينقلون صراعهم من الخلافة الإسلامية إلى ساحة ما بعد السوفيتية. وبالتالي فإن الكرملين يفضل أن يقاتلهم – ويهزمهم – خارج الأراضي الروسية.


مساعدة الحلفاء

أخيرا، سحب الدعم الروسي للأسد سوف يتسبب في ضربة خطيرة لصورة الرئيس بوتين في روسيا. فعادة ما يوصف الأسد كحليف لموسكو في الصراع ضد التحدي الإسلامي في الإعلام الروسي، ويعتبر ولاءه لروسيا مسألة «مبدأ». وبالتالي، ستجد السلطات الروسية مشكلات في تفسير التغيرات في علاقتهم بدمشق أمام الجمهور.


لا جديد

موقف روسيا بشأن سوريا مدفوع بالمصلحة الذاتية ويعكس الأوضاع على الأرض، حيث تستمر البروبجندا الروسية في تكرار نفس الفكرة، القائلة بأنه رغم أن القوات الحكومية قد خسرت جزءًا كبيرا من أراضي البلاد؛ إلا أنها لا تزال تتحكم في المناطق الأكثر اكتظاظا بالسكان.

من وجهة نظر الكرملين يجعل ذلك الأسد شخصا جديرا بالتعامل معه. حيث تشتمل «الخطة الرئيسية» لموسكو على ضمان صمود النظام السوري، ولا يجب أن يمثل قرارها الأخير بتقديم المساعدة العسكرية لدمشق مفاجأة. من غير المرجح أن تنحرف روسيا عن إستراتيجيتها المنطوية على دعم الأسد في المستقبل القريب.