رافق هذا الخبر ردود فعل واسعة، إلى أن هدأت الأمور بعد وساطات متعددة. تحدثت بعض التسريبات عن إنتهاء الأزمة بالاحتكام إلى انتخابات جديدة، ولكنها ما لبثت أن اشتعلت مرة أخرى بالأخبار المسربة، من الطرف المحسوب على القيادة الجديدة، عن سعي القيادة «القديمة» لاستقطاب بعض مسئولي القطاعات (2) المنتخبة وتجاوز البعض الآخر لقيادات محسوبة عليه غير منتخبة.

يعرض هذا التقرير – المكون من جزأين- لوجهة نظر الطرفين، والسيناريوهات المتوقعة لمسار هذه الأزمة، ومستقبل الجماعة في ضوء هذه السيناريوهات، مع الانطلاق من فرضية رئيسية أنها الأزمة الأخطر في تاريخ الجماعة، وأن الجماعة ستخرج منها بتداعيات خطيرة.


سردية «القيادات التاريخية» للأزمة

في

رسالة

بعثتها «القيادات التاريخية» لأعضاء مجلس الشورى بعد ظهور الأزمة للعلن في مايو الماضي، أوضحت سرديتها الخاصة للأزمة وهي باختصار:

– بعد مجزرة فض اعتصامي رابعة والنهضة تولى ستة من مكتب الإرشاد إدارة الجماعة بتواصل مع نائب المرشد محمود عزت، وتواصلٍ كتابيٍّ مع العضو السابع؛ يبدو أن المقصود هو د/ محمود حسين.

– تم التوصل لاتفاق تعيين ستة جدد من خارج مكتب الإرشاد لهؤلاء الستة، وتكوين «لجنة» للإدارة وليس مكتب إرشاد، نظرا لأن أعضاء المكتب بها ليسوا أكثر من النصف.

– تم اعتماد القرار في اجتماع لمجلس الشورى، ولم تطرح أسماء الستة الجدد نظرا للظروف الأمنية، ولم تجرِ أية انتخابات في الاجتماع، وفي

رسالة

حديثة من د/ محمد عبد الرحمن لبعض قيادات الجماعة؛ شكك في صحة هذا الاجتماع من الأساس، من حيث صحة الدعوة للاجتماع حيث لم يدعَ له جميع من تمكنهم ظروفهم من الحضور بما فيهم هو شخصيا، وعدم بلوغ الاجتماع النصاب القانوني.

– لم تجرِ اللجنة أية انتخابات، وإنما كان يديرها أكبر الأعضاء سنا، وتولى أحد الأعضاء مسئولية الأمانة، وتم تقسيم العمل على تسعة فقط من اللجنة، نظرا لظروف الثلاثة الباقين، وكان يتم التواصل معهم قبل وبعد الاجتماعات.

– بعد شهور؛ يبدو أنها بعد

انتخابات

مكتب الإخوان المصريين بالخارج والنزاع حول تبعيته للتنظيم الدولي أم لجنة الإدارة بالداخل، وهو ما يترتب عليه نزاع حول اختصاصاته ومحاولة استبعاد للدكتور محمود حسين، وكذلك بعد التصعيد الذي صاحب ذكرى 25 يناير (3) وما تلاها من توسع في عمليات العنف والإغتيال.

وبعض الرسائل التي صدرت من القيادة القديمة واطلعت عليها تذكر الروايتين، تبين انفراد البعض بقرارات مصيرية دون مشاورة الجميع وخروجها باسم مكتب الإرشاد استغلالا لتواصل «الفريق الجديد» مع هياكل الجماعة وسيطرته على المنافذ الإعلامية، وحجب بعض المراسلات والآراء عن بعض أعضاء اللجنة، وأصروا على استبعاد الثلاثة، الذين كان يتعذر حضورهم سابقا، من اللجنة تماما مع إبداء رغبتهم واستعدادهم للحضور.

– تقدم أعضاء مكتب الإرشاد بمقترح ضرورة عقد مجلس الشورى ليقيم أداء الإدارة، ويعتمد سياسات الجماعة، ويعدل اللائحة ويجري انتخابات إذا دعت الحاجة، وتم التباطؤ في الأمر من قبل القيادة الجديدة.

– تم اقتراح تعديل في اللائحة باستبعاد أعضاء اللجنة الحالية الإثني عشر من انتخابات المكتب القادمة، وتم رفض هذا الاقتراح من قبل «الإدارة الجديدة».

– تم الاتفاق على عقد اجتماع يضم أعضاء اللجنة، الإثني عشر، بالكامل، ولكن «الفريق الجديد» اعتذر ولم يحضر.

– أنقل هذه الجزئية نصا لأهميتها.

«ثم فوجئنا بهم ينزعون صفة عضوية مجلس الشورى عن البعض ويمنحونها للبعض دون أي سند لائحي كي يمررون تعديل اللائحة بعد حذف الكثير من البنود التي جرى النقاش بشأنها، ويدعون إلى أن يتم التعديل بالتمرير في تجاهل تام لحق مجلس الشورى في المناقشة ومراجعة تقارير الأداء والسياسات العامة بدعوى أن هذا من شأن مجلس الشورى القادم، وأن مناقشة المجلس الحالي تعد مصادرة للمجلس المتوقع، وهذا أمر غريب وجديد على المؤسسة، وافتئات واضح على حق مجلس الشورى واختصاصاته مع العلم أن تلك الدعوة باطلة شكلا وموضوعا حيث أن من له حق الدعوة فضيلة المرشد العام أو أحد نوابه في حال تعزر قيامه بذلك».

– ثم بعد ذلك «تفند» الورقات بعض «أكاذيب» المتحدث الإعلامي محمد منتصر، وتشير إلى تحكم هذا الفريق في النوافذ الإعلامية واستخدامها بشكل مريب، وتؤكد على أنه لم تجرى أية انتخابات في اجتماع مجلس الشورى في فبراير 2014، وخاصة على منصب المرشد والأمين العام.

– ثم تؤكد الورقات على اختيار مجلس الشورى في رابعة للمسار الثوري السلمي، ثم تأكيد ذلك الخيار في اجتماعه في فبراير 2014.

– وتشير إلى أن هذا الخيار يتناقض مع الدعوة لتسليح الثورة وإزهاق الأرواح (4)، وأن هذا لا يتنافى مع السلمية المبدعة، وأن هدف القوى المناوئة للثورة هو جر الجماعة للعنف.

– ثم تختم الورقات بالنص الآتي فجماعتنا بفضل الله أقوى بمؤسساتها «الشرعية» وبأبنائها وشبابها «الواعي»، فمؤسسات الجماعة «الشرعية» موجودة متمثلة في مجلس الشورى ومكتب الإرشاد والقائم بأعمال المرشد نتمسك بهذه «الشرعية» ومن خلالها نحدث التطوير والتحديث المنشود وتجرى الانتخابات بإجراءات سليمة لائحية.

تجدر الإشارة أن هذه الورقات كانت قبل

اعتقال

أربعة من مكتب الإرشاد، وأنه لم يتسنَ للكاتب التواصل مع هذا الطرف لتوضيحات لبعض النقاط المثارة، وأن الرسائل التي أصدرها هذا الطرف في الفترة الأخيرة والتي اطلعت عليها لا تشير لتفاصيل أزمة اجتماع مسئولي القطاعات، ولكنها تؤكد على أنها ماضية «بثبات» في لم شمل الجماعة.


سردية «القيادة الجديدة» للأزمة

في رسالة بعثها د/ محمد كمال للصف في الثلاثين من يوليو الماضي(5)، وتلتها

رسالة

نشرها موقع مصر العربية أوضحت «القيادة الجديدة» سرديتها الخاصة للأزمة:

– قام عدد من أعضاء مكتب الإرشاد بإدارة المشهد بعد الفض، وعمل على توصيل مفاصل الجماعة، حيث تحرك فى هذه الفترة ثلاثة أعضاء فقط من أعضاء مكتب الإرشاد بينما استدعت الظروف اختفاء باقى أعضاء مكتب الإرشاد.

– فى شهر فبراير ظهرت الحاجة الشديدة إلى وجود عدد من القيادات لتنضم إلى أعضاء المكتب الثلاثة لإدارة المشهد، فتم التوافق على ضم ستة أعضاء وتكوين اللجنة الإدارية العليا من تسعة أعضاء برئاسة أحد أعضاء مكتب الإرشاد وأخذت «كل اختصاصات» مكتب الإرشاد.

– اجتمع مجلس الشورى العام فى فبراير على ثلاثة لقاءات متتالية حيث عرض الموقف، وتم إقرار «اللجنة».

– هذه «اللجنة» تدير عمل الجماعة حتى الآن، وفى خلال كل هذه الفترة لم يشارك باقي أعضاء مكتب الإرشاد أو الدكتور محمود عزت نائب المرشد فى أية اجتماعات ولم يشاركوا في اتخاذ أية قرارات ولم يطلبوا ذلك، وتم توزيع كل المهام والأعباء على أعضاء اللجنة الإدارية التسعة، وهو أمر «مبرر» حيث أن من لا يشارك في الاجتماعات والمناقشات لا يستطيع المشاركة في اتخاذ القرارات.

– تم وضع خطة عمل في إبريل 2014، ولكنها لم تراعِ متطلبات الخيار الثوري، وبلغنا اعتراضات شديدة عليها، حيث طالب الكثير من الإخوان ورؤساء المكاتب الإدارية بضرورة وضع خطة جديدة تواكب متطلبات العمل الثوري وحماية الحراك من بطش قوات الشرطة.

– كانت لنا وقفة مع الخطة في أغسطس 2014، حيث ظهرت مؤشرات انحسار شديد في مظاهرات الشارع نتيجة القمع والقتل والاعتقالات، وحيث صعد الانقلابيون من جرائمهم فكانت أحكام الإعدام، والإجراءات العدائية ضد غزة والتدخل في ليبيا وغيرها.

– بعد مناقشات مستفيضة، وضعت خطة المراحل الثلاث: (إنهاك وإرباك – إفشال – حسم)(6)، وتم النص على مؤشرات ومتطلبات الخطة.

– كان من متطلبات الخطة، قرارات بدعم المكاتب الإدارية بالشباب، واستحداث لجان وإعادة تشكيل لجان أخرى. ولاعتماد الخطة تم الاجتماع برؤساء المكاتب الإدارية الستة وعشرين، وأمناء القطاعات السبعة فى سبتمبر 2014 حيث تم اعتماد الخطة وقد وافق على الخطة سبعة وعشرون من أصل ثلاثة وثلاثين، بالإضافة إلى ستة من أصل ثمانية أعضاء باللجنة الإدارية، أي بمجموع ثلاثة وثلاثين من أصل واحد وأربعين.

– تنادت أصوات كثيرة بضرورة مأسسة عمل الجماعة، وتشكيل «مجلس شورى جديد» ليضع الإستراتيجيات، ويتخذ القرارات الهامة، وينتخب مكتب إرشاد وخصوصا أن مجلس الشورى ومكتب الإرشاد قد انتهت مدتهما منذ يونيو 2014.

– توافقت اللجنة العليا «كاملة» على هذا الهدف وضرورته، وقامت اللجنة العليا بوضع صياغة أولية لتعديل اللائحة لتتم المأسسة فى هذه الظروف. كان التعديل ينص على البدء بتشكيل مجالس شورى للمكاتب الإدارية لانتخاب مسئول المكتب الإدارى وعضو شورى عام فى عدد من المكاتب.

– بمراجعة بعض مسئولي المكاتب أبدوا صعوبة شديدة في التنفيذ بسبب المخاطر الأمنية، فتم تعديل المقترح بــاعتماد مسئولي المكاتب الحاليين، واختيار عضو الشورى بالطريقة التي يراها المكتب الإداري مناسبة، حيث إن الظروف الأمنية تختلف من مكان لآخر.

وحيث إن المادة 31 من اللائحة تنص على حق عشرين عضوا بتقديم اقتراح تعديل اللائحة فلقد اجتمع أكثر من عشرين عضوا على هذا المقترح وقدم إلى السيد «رئيس اللجنة الإدارية العليا»؛ تستند القيادة القديمة في

رسالة

للدكتور محمد عبد الرحمن على هذه التفصيلة لتأكيد أن اللجنة لم تكن لها صلاحيات مكتب الإرشاد حيث إنه يحق لمكتب الإرشاد اقتراح تعديل اللائحة.

– كان التعديل المقترح كالتالي، سأذكر فقط ما يهمنا في بحثنا هذا وهو ما يتعلق بتشكيل مكتب الإرشاد: 1- يحتفظ فضيلة المرشد د/ محمد بديع بموقعه. 2- يقوم أعضاء مكتب الإرشاد بعد تشكيله بانتخاب نائب لفضيلة المرشد مسؤولا لمكتب الإرشاد الجديد من بين أعضاء المكتب.

– توجهت اللجنة الإدارية إلى أعضاء الشورى العام المتواجدين داخل القطر وخارج السجون بهذا المقترح، وحصل المقترح على موافقة أكثر من «نصف الشورى القديم».

– ثم حدث اعتقال أربعة من أعضاء مكتب الأرشاد، وبعدها

تصفية

تسعة قيادات في اكتوبر وكان منهم الأمين العام للجماعة وعضو اللجنة الإدارية العليا، فتفرقت اللجنة ما بين شهيد ومعتقل، ومنهم من سافر خارج البلاد، فدعت الحاجة إلى انتخاب لجنة أخرى لإتمام إدارة العمل ولاستكمال الهيكل الإداري للجماعة فتم انتخاب ممثل عن كل قطاع من القطاعات السبعة.

وبالتواصل مع قطاعي الشرقية والدقهلة وجدت اللجنة إصرارهم على تواجد أعضاء مكتب الإرشاد الثلاثة؛ المتبقيين في مصر خارج المعتقلات؛ وتمت موافقة اللجنة على ذلك.

– قام قطاع القاهرة بالدعوة للقاء تعارف وتشاور لممثلي القطاعات المنتخبين ولا يتم فيه اتخاذ أية قرارات وكان ذلك يوم السبت الموافق 8 / 8 / 2015، وحضر هذا الاجتماع خمسة قطاعات عدا قطاعي الشرقية والدقهلية.

– قبل الاجتماع قام ممثل قطاع القاهرة وبعض أعضاء القطاع بزيارة د/ محمد عبد الرحمن في وجود سكرتير قطاع الشرقية وبعد نقاش ذكر د/ محمد عبد الرحمن أن مجموعة السبعة لها كامل الصلاحيات عدا ملف الخارج والدعم المالي والرؤية والإستراتيجيات.

– قام د/ محمد عبد الرحمن بتوجيه دعوة لأشخاص بأسمائهم في يوم السبت 15 / 8 / 2015، ولم توجه الدعوة إلى مسئولي قطاعات القاهرة ووسط الدلتا وشمال الصعيد المنتخبين «مما يثير علامة استفهام»، ولكن تبين بعد ذلك أنه يوجد شخص صفته أنه ممثل لجنة لم الشمل وأنه مكلف بمراجعة إجراءات اختيار ممثلي القطاعات «وهو أمر مستغرب».(12)

– تم اجتماع يوم السبت 22 / 8 / 2015 بحضور خمسة قطاعات، ولم تتم دعوة د/ محمد كمال أو قطاعي وسط الدلتا والقاهرة للحضور، وخرج محضر الاجتماع وبه قرارات تخالف الأرضية التي يمكن الالتقاء عليها ولم يعطِ اعتبارا للمتغيبين الذين لم تتم دعوتهم.

– أنقل هذه الجزئية بنصها لأهميتها.

«نؤكد أنه ليس لدينا مانع من اجتماع أمناء القطاعات السبعة مع أعضاء مكتب الإرشاد الثلاثة على أرضية أن لهم كامل الصلاحيات والتعامل مع كل الملفات وإدارة المرحلة الانتقالية لمدة الستة أشهر بصورة كاملة بما فيها من إجراءات تعديل اللائحة بالآلية التي تراها اللجنة مناسبة، والإشراف على انتخابات مجلس شورى جديد وفق اللائحة الجديدة، وانتخاب مكتب إرشاد جديد، وللسبعة حق إضافة من يرونه مناسبا من أفراد بالآلية التي يرونها ومن حقهم تحديد علاقة السبعة بأعضاء المكتب الثلاثة».

تجدر الإشارة إلى أنه ورد الى إلباحث معلومات أثناء إعداد التقرير بنجاح الوساطات في عقد اجتماعات للجنة إدارة الأزمة بحضور جميع أمناء القطاعات السبعة وحضور عضوي مكتب الإرشاد د/ محمد عبدالرحمن و د/ محمد كمال، وما تزال المعلومات متضاربة وغير واضحة حول نتائج هذه الإجتماعات.


ثلاث إشكاليات في سردية الفريقين

ومما سبق يتضح لنا من سردية الفريقين للأزمة أنها ترتكز على ثلاث إشكاليات أساسية:

1. الشرعية

حيث ترى «القيادات التاريخية» أنها تمتلك الشرعية الكاملة متمثلة في «مجلس الشورى ومكتب الإرشاد والقائم بأعمال المرشد»، وأن «لجنة الإدارة» قد تجاوزت صلاحيتها، وأن الإجراءات التي تمت، من تعديل في اللائحة وإجراء انتخابات لا يعتد بها لائحيا؛ في حين ترى «القيادة الجديدة» أنها تمتلك شرعية كاملة لإدارة الجماعة، حيث إنها حملت عبأ إعادة الجماعة للحياة مرة أخرى، وأن إجراءات تعديل اللائحة والانتخابات وإعادة الهيكلة التي تمت على هذا الأساس صحيحة تماما.

2. الرؤية الثورية

ترى «القيادات التاريخية» أن مبدأ سلمية الثورة «المبدعة» هي سياسة الجماعة التي أقرها مجلس الشورى مرتين متتاليتين، في اعتصام رابعة وفي فبراير 2014، ولا يحق لأي طرف تجاوز هذه السياسة كائنا من كان دون الرجوع لمجلس الشورى.

وترى القيادة الجديدة أن الرؤية الثورية بكل خياراتها، بما فيها الخيار العنيف، هو مطلب الصف، وخاصة الشباب، وأن على القيادة تفهم هذه المتطلبات وتبنيها، وهو ما يبدو من إقرار رؤية «المراحل الثلاث»، الإنهاك والإرباك ثم الإضعاف ثم الحسم، بأغلبية مريحة.

وتبدو تفاوتات كبيرة في تأريخ الأزمة، فالبعض يرجعها لانتخابات مكتب الخارج ومنازعته لصلاحيات بعض القيادات في الخارج وخاصة د/ محمود حسين، والبعض يرجعها للتصعيد الذي بدأ في 25 يناير السابق، ويصعب الجزم بإحدى المعلومتين، إذ أن الطرفين يصرحان أحيانا بهذه الرواية وأحيانا بتلك، وعلى أي حال فإن إشكاليتي الشرعية والرؤية متداخلتان ومتشابكتان بشكل يصعب الفصل بينهما، وإن كنا لا نقلل من أهمية هذه المعلومة في تفسير أفضل للأزمة.

3. الثقة

في بعض تغريدات لـ «

صوت الإخوان

»، حساب على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، وهو حساب يبدو أنه مطلع وقريب من رؤية القيادة الجديدة، أشار بشكل مبطن عن علاقة القيادات التاريخية بالدولة، وأكد هذه الإشارة مقال لأحد قيادات لجنة الطلاب بالجماعة في مقال له بعنوان «

انفجار الإخوان: المعركة دومًا من أعلى

»، وتعددت المصادر التي أكدت هذه الإشارة لي، كما تكرر الحديث من طرف المؤيدين للقيادة الجديدة عن اتهامات بالكذب وتشكيك في الذمة المالية وغير ذلك من الاتهامات لبعض القيادات التاريخية.

وعلى الجانب الآخر تشير القيادة التاريخية في رسائلها إلى كذب القيادة الجديدة، وسعيها لفرض هيمنتها ورؤيتها، وتخليها عن أدب الاختلاف والتشكيك في النوايا والشخصيات.

وتؤكد كل هذه الإشارات لفجوة عميقة في الثقة بين الطرفين؛ الثقة التي كانت أحد أهم أركان البيعة داخل جماعة الإخوان المسلمين يبدو أنها مفقودة بشكل كبير الآن بين طرفي الأزمة ومؤيديهما، مما ينبئ عن عمق هذه الأزمة وتداعياتها المستقبلية.

في

الجزء الثاني

نستكمل تحليلنا لأزمة جماعة الاخوان المسلمين وسيناريوهات تطور الأزمة ومآلاتها المتوقعة.


الهوامش

[1] أبرز القيادات «القديمة» بالداخل: د / محمود عزت نائب المرشد العام، و د / محمد عبدالرحمن عضو مكتب الإرشاد،، وبالخارج: د / محمود حسين عضو مكتب الإرشاد والأمين العام السابق للجماعة و أ / ابراهيم منير قيادي بارز بالجماعة ويشغل حاليا نائب القائم بأعمال المرشد العام «وهو قرار محل جدل كبير».= أبرز القيادات الجديدة بالداخل: د / محمد كمال: عضو مكتب الإرشاد و الأستاذ حسين ابراهيم أمين عام حزب الحرية والعدالة «الذراع السياسي للجماعة» ورئيس الكتلة البرلمانية للحزب في مجلس الشعب السابق،، وبالخارج: د: أحمد عبدالرحمن: رئيس مكتب الإخوان المصريين بالخارج.[2] تقسم الجماعة إداريا الى عدد من المكاتب الإدارية «تقريبا كل محافظة مصرية لها مكتب إداري »، تشكل عدد من هذه المكاتب الإدارية فيما بينها قطاع، وعدد القطاعات سبعة قطاعات، وهي القاهرة والإسكندرية وووسط الدلتا والشرقية والدقهلية وشمال الصعيد وجنوب الصعيد.[3] شهد الخامس والعشرون من يناير السابق الإعلان عن بعض الحركات التي تبنت بعض العمليات التصعيدية ومنها بعض عمليات الإغتيال لأفراد من الشرطة، لمزيد من التفاصيل راجع

صفحة تحت الرماد على الفيس بوك

.[4] تشير بعض المصادر للكاتب الى أن بداية ملامح الأزمة كانت مع مسئول الحراك حول التوسع في العمليات النوعية.[5] لخصها لي أحد المصادر وتم التأكد من صحتها ودقة التلخيص من عدد آخر المصادر التي اطلعت على نص الرسالة.[6] خطة وضعتها إدارة الجماعة وقتها ترتكز على ثلاثة مراحل رئيسية كما هو مذكور (الإنهاك والإرباك ثم الإفشال ثم الحسم ) وهذه المراحل متداولة ومنتشرة بين عموم أفراد الجماعة.