من القنبلة الذرية إلى تويوتا: العلاقات الأمريكية اليابانية

عداوة الحرب العالمية الثانية، وحلفاء الحرب الباردة. الأجندة الحالية للسياسات المشتركة بين البلدين والتي نتناولها فىي سياقة العناصر الآتية:

1. القضايا التجارية بين البلدين.
2. العلاقات الأمنية المشتركة عقب سنوات الحرب البارد.
3. التوترات الصينية-اليابانية.
4. كارثة فوكوشيما النووية.
5. السياسات اليابانية.

في البدء كانت الحرب

كان الأسطول الأمريكي في «بيرل هاربور – Pearl Harbor» يشكل عائقًا أمام حركة اليابان للسيطرة على شرقي آسيا. وكانت الولايات المتحدة قد حرّكت أسطولها من شواطئ «سانتياجو» في المحيط الهادئ لميناء «بيرل هاربور» في جزيرة «هاواي» لأغراض دفاعية في مايو/ آيار عام 1940.

في الـ7 من ديسمبر/ كانون الأول عام 1941 -هذا اليوم الذي أطلق عليه الرئيس الأمريكي «روزفلت» يوم العار- قام سلاح البحرية الياباني بهجوم مباغت استمر مدة ساعتين على الأسطول الأمريكي الأكبر في المحيط الهادئ، في واحدة من أفدح الهزائم في تاريخ البحرية الأمريكية. تمكن اليابانيون خلال هذه المعركة من تدمير أكثر من 85% من قوة الأسطول الأمريكي.

استمرت الحرب بين البلدين باستمرار الحرب العالمية الثانية في الفترة بين عامي 1941 – 1945. تمكنت الولايات المتحدة بعدها من إعادة بناء أسطولها البحري مرة أخرى، وطوّرت كثيرًا من سلاح الطيران. توفي الرئيس الأمريكي «روزفلت» بنهاية الحرب، وخلف مكانه الرئيس «هاري ترومان» الذي تحمل على عاتقه كسر شوكة اليابانيين، ورد الصاع الذي تلقته أمريكا جرّاء الهجوم على «بيرل هاربور» قبل اندلاع الحرب.

رغم إعلان بوتسدام في الـ 2 من أغسطس/ آب عام 1945، الذي نص فيه الحلفاء بعد انتصارهم على استسلام اليابان غير المشروط للولايات المتحدة. رفضت اليابان إعلان الاستسلام، فباتت أمريكا أمام خيار الدفع بقوات عسكرية كبيرة لاحتلال اليابان، إلا أن الخوف من الخسائر البشرية والمادية المحتملة جراء الصدام؛ دفع إدارة «ترومان» إلى إمكانية استخدام القنبلة الذرية لردع اليابان وتركيعها. وكان هذا هو الاستخدام الأول والوحيد للقنبلة الذرية في الحروب.

صورة لزعماء الدول الحاضرين في مؤتمر بوتسدام، بحضور رئيس الوزراء السوفيتي «جوزيف ستالين»، والرئيس الأمريكي «هاري ترومان»، ورئس الوزراء البريطاني آنذاك «ونستون تشرشل»

وبالفعل، في الـ6 من أغسطس/ آب عام 1945 ألقت إحدى الطائرات الأمريكية القنبلة الذرية على مدينة «هيروشيما» اليابانية، وبعدها بـ3 أيام على مدينة «ناجازاكي». الأمر الذي دفع اليابان لضرورة قبول الإعلان والاستسلام غير المشروط أمام القوات الأمريكية.

انتهى الاحتلال الأمريكي لليابان عام 1951 بمعاهدة سلام أبرمت في ولاية سان فرانسيسكو الأمريكية، وجرى تطبيقها في العام التالي. نصّت المعاهدة على ضرورة احترام مبادئ السلام، وعلى حق اليابان في امتلاك قوات مسلحة للدفاع عن النفس فقط، إضافة لعدم السماح لليابان بامتلاك السلاح النووي.

أعداء الأمس حلفاء اليوم!

مع اندلاع الحرب الباردة؛ كانت اليابان حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة ضد السوفييت وحلفائهم في جمهورية الصين الشعبية. راح الاحتلال الأمريكي عن اليابان عام 1952، وبقيت المعاهدات الأمنية بين الطرفين، والتي سمحت ببقاء القواعد العسكرية الأمريكية. أكبر هذه القواعد كانت قاعدة «أوكيناوا».

في عام 1960، تم عقد ما يعرف بــ«معاهدة الأمن والتعاون المشترك بين البلدين – Treaty Of Mutual Cooperation & Security» التي أعيد إنتاجها في السبعينات والثمانينات. هذا الأمر قوبل بنفور شعبي غير مرحب، وهو آخذ في الازدياد، وصل إلى حد رفض أي شكل من أشكال التعاون مع الأمريكان. هذا البنزين صُب عليه نار رأب الصدع ما بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية، وبدا واضحًا للحلفاء اليابانيين أن أمريكا لها أولويتها الخاصة. الجانب الأمريكي طمأن اليابانيين لكن الأمر بالطبع ألقى بظلاله على صانعي القرار في الجانب الياباني.

هل تقدر اليابان حقا على قول لا؟

تظهر هذه الصورة أعضاء في حركة UAW التي تضم عمالًا في مجال «تصنيع السيارات في الولايات المتحدة – United Auto Worker» يحطمون إحدى السيارات المستورد من نوع «تويوتا كرولا – Toyota Corolla» اليابانية احتجاجًا على استيرادها، لأن ذلك يسهم بشكل كبير في ركود تجارتهم التي يعيشون عليها!

هذا الموقف يجسد بشكلٍ كبير حقيقة النقلة الصناعية والاقتصادية التي حققتها اليابان بعد الحرب العالمية الثانية والتي تظهر في تلك الأرقام:

– ما بين عام 1960 و 1970 زاد الناتج المحلي في اليابان بنسبة 10% للعام الواحد.

– تضاعف حجم التجارة اليابانية من منتصف الستينات لمنتصف الثمانينات.

– عام 2006 بلغ العجز التجاري لليابان نسبة 11% من العجز التجاري الأمريكي!

لم يكن الاقتصاد وحده ما قد يعكر صفو العلاقة بين البلدين، فالملف الصيني يشكل -كما سبقت الإشارة- إحدى أهم نقاط التوتر العالقة بين البلدين. قاعدة «أوكيناوا» كذلك تشكل جرحًا عميقا للكبرياء الياباني جراء العنف الأمريكي تجاه سكان «أوكيناوا» حيث تقع القاعدة بقرب المدينة. حديثًا، جرى اتفاق جزئي على نقل القاعدة، إلا أنه لم يدخل حيز التنفيذ بعد. ولا تزال القاعدة تمثل إحدى المشكلات العالقة أمام الحكومات اليابانية المتعاقبة. صدر في التسعينات كتاب بعنوان «The Japan that can say No» لم يقصد به التضاد بين موقفي الدولتين في القضايا المشتركة والتنازع بينهما، بقدر ما يرمي بشكل كبير إلى قضية استقلال اليابان عن الامبراطورية الأمريكية، ورفع التبعية عن مواقفها.